الشاعر والأديب المصرى : طلعت زيدان
وصفة للهروب من علبة الكبريت
قصة قصيرة
انه يكره ضيق الأماكن
قدر له أن يعيش بحجرة برفقة أربعة من اخوته ، وحين تزوج ؛انتقل إلى شقته الجديدة ، لم يشعر بتغير كبير بينها وبين حجرته التى غادرها ، كان باستطاعته وهو متمدد بسريره أن يمد أطراف قدميه لتدخل الى شرفة الجيران !!
صار يدخن بشراهة ، لكنه لا يستخدم أعواد الكبريت ، لكراهيته أن يحمل علبة كبريت بجيبه
ينزل من شقته التى لا تختلف كثيرا عن علبة كبريته التى لا يعشقها مطلقا ليدخل علبة كبريت جديدة يطلقون عليها الأوتوبيس ، لتلفظه الأخيرة الى علبة كبريت ربما أضيق كثيرا من سابقتيها أيضا يطلقون عليها مكتب العمل ،،،
هذا الأمر كان يزيده عصبية الى عصبيته التى خلفها والده منذ اتخاذه لهذا السكن الشعبى البغيض
كان يشعر بعشوائيته التى يمقتها ويمقتها
ينتظر قدوم الليل ليخرج الى هناك ، الى سعة الحياة ورحابتها
هو لا يجد نفسه الا بين اصدقائه
يتخذون على النيل مقعدهم ، يبنون قصورهم الواسعة ، يغرسون اشجارها بايديهم
يأكلون فيها ما تشتهى الأنفس وتلذ الأعين
يعينون بها ما يودون من خدم وحشم
يستطيع هو شخصيا بلا مشكلة أن يمدد قدميه دون ان يخترق شرفة الجيران
لهم كل الحرية فى اختيار كل شىء بلا قيود أو حدود
وحين انتهت أحلامهم الباكية قاموا لينصرفوا ململمين أغراضهم البسيطة المتواضعة
تاركين وراءهم قصورهم تحيطها ضحكاتهم المتشبعة بالأمنيات وبقايا أعقاب السجائر الميتة